كنت
منهمكة في متابعة ملفات إنجاز طالباتي ، وبين تدوين عباراتٍ للتشجيع وأخرى للتنبيه
، وجدت بين طيات ملف إحدى الطالبات مجموعة من الأوراق تحمل قصائداً هابطةً
أخلاقياً ، وليس هذا فحسب بل إن بعضها يحمل كلاماً منافياً لديننا الحنيف من قسم
بغير الله وأمثالها مما تتضمنه كلام من يدَّعون الشعر ، صدمت بشكل كبير كيف لطالبة
لا تتجاوز الخامسة عشر من عمرها أن تقرأ وتقتني هذه القصائد الغرامية المبتذلة !
احتفظت
بالأوراق لدي وأعدت الملفات مرة أخرى إلى الفصل ، وبدأت أفكر بطريقة مناسبة لتعديل
هذا الخطأ الذي من الممكن أن يتسبب بخطأ أكبر لهذه الطالبة ، كان بحثي عن طريقة
تربوية مناسبة تحقق هدفي في التوجيه فالطالبة في مرحلة المراهقة وأي خطأ في
التوجيه قد يتسبب لها في ضرر تتعايش معه كل العمر .
وللأسف
الشديد لم تكن المرشدة الطلابية في المدرسة متخصصة بالإرشاد النفسي ، لذلك فكرت في
لقاء ولية أمر الطالبة ومناقشتها في خطورة الموضوع وآلية العلاج المناسبة له.
فاتفقت مع إدارة المدرسة التي رحبت بالفكرة وتم استدعاء الأم إلى المدرسة بطريقة
ودية ، وبدأت بنقاشي معها – بحضور قائدة المدرسة وفي عدم وجود الطالبة - مادحةً في
أخلاقيات ابنتها ومثنيةً على اجتهادها وموضحة علاقتها الجميلة بكل من في المدرسة ،
ومذكرةً بأفكار هذه المرحلة وما نعانيه من صعوبات في التعامل معهن، وبكل لطف عرضت
عليها موضوع هذه القصائد وكنت متخوفة من ردة فعل عنيفة تقوم بها الأم لتعاقب
ابنتها .
أمسكت
الأم بالأوراق والصور وبدأت تقرأ وأنا أكرر على مسامعها أن هذه التصرفات وهذه
الاهتمامات تقوم بها بعض البنات في مرحلة المراهقة حتى لا تعظم المصيبة في نظرها أكثر
، وأن هذا الأمر قابل للعلاج وأثناء حديثي هذا صرخت الأم في وجهي قائلةً : ( أنت
بعقلية متحجرة ونحن في القرن الواحد والعشرين ، من حق ابنتي تحب وتنحب ، وإذا فيه
شيء حرام الله غفور رحيم ، لا تعقدون البنات بأفكاركم الرجعية).
ساد
صمت عجيب في أنحاء الإدارة ، بكيت بعدها بكاءً مريراً وأنا أردد نحن في القرن
الواحد والعشرين ولا نزال لا نخاف الله ونتقيه حتى في أبنائنا ، لا حول ولا قوة
إلا بالله العلي العظيم .
تنبيه
... حتى لا يتهمني القارئ بالرجعية أيضاً كما أتهمتني الأم ، القصائد تحمل كلاماً
بذيئاً جداً وصف جسدي صريح ودعوة للانحلال الأخلاقي، إضافة إلى صور الطالبة والتي
دون عليها تلك القصائد وفي أوضاع مريعة .
أنا لست رجعية ، أنا أحمل أمانة أنيطت بي عندما امتهنت التعليم وسيحاسبني
رب العباد عليها يوم الحساب .بقلمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق